Kamis, 24 Februari 2011

جهاد... لا إرهاب

ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره.

وبعد:

فكلما ذكر اسم الجهاد؛ انتفض الكفر فزعا من هذه الكلمة، وكلما تكلم المسلمون عن الدفاع عن حقوقهم؛ انبرت اجهزة الإعلام الغربية تشوه الإسلام، وتصم المسلمين بالوحشية وبالقسوة، ويرسمون للمسلم الصادق المجاهد صورة الجعظري الجواظ الغبي، يركب على ناقة هوجاء، تخبط خبط عشواء، لا يلوي على شيء، لايقاتل انسانا إلا واخترط سيفه ليقطع عنقه لأن نفسه مولعة بحب الدماء، ولا يستطيع الراحة الا على اكوام الجماجم والأشلاء!

وكما قال الاستاذ المودودي في كتابه "الجهاد في الاسلام" [1]: (ولقد جرت عادة الافرنج؛ أن يعبروا عن كلمة الجهاد بـ "الحرب المقدسة" [Holy war]، ولقد فسروها تفسيرا منكرا وتفننوا فيها وألبسوها ثوبا فضفاضا من المعاني المموهة الملفقة، وقد بلغ الامر في ذلك أن أصبحت كلمة الجهاد عندهم؛ عبارة عن شراسة الطبع والخلق والهمجية وسفك الدماء، وقد كان من لباقتهم انه كلما سمع الناس الجهاد تمثلت أمام أعينهم صورة المواكب من الهمج المحتشدة، معلقة سيوفها، متقدة صدورها بنار التعصب والغضب، متطايرا من عيونها شرار الفتك، عالية اصواتها بهتاف؛ "الله اكبر"، زاحفة إلى الامام... ولقد رسم الدهان هذه الصورة بلباقة فائقة وتفننوا فيها بريشة المتفنن المبدع، وكان من دهائهم ولباقتهم في هذا الفن أن صبغوها من النجيع الأحمر، وكتبوا تحتها نقاط شائقة؛ هذه الصورة مرآة لسلف هذه الأمة من شره لسفك الدماء وجشعة إلى الفتك بالأبرياء).

وان الإنسان ليتملكه العجب والحيرة إذ يرى أيدي الرسام نفسها ليست غارقة بالدهان الأحمر الذي يشوهون به صورة هذه الأمة، بل ملطخة بدماء الأبرياء، وما تركوا بقعة من بقاع الأرض الا وخلفوا وراءهم من المآسي ما لا يستطيع البيان نقله، وما يعجز القلم عن تصويره وتقريبه إلى الأذهان، لا لشيء الا لأنهم يبحثون عن اسواق تجارية لبضائعهم، أو يجوبون الأرض طلبا لوقود مصانعهم أو ذهب خزائنهم! والويل كل الويل للبقعة الغنية، فإن أهلها سيشهدون من المجازر ويرون من المصائب على أيدي هؤلاء - الذين يصفون المسلمين بالوحشية والحيوانية – ما لا يتصوره عقل بشري.

ومما يندى له الجبين؛ أن أبناء المسلمين قد صدقوا عن أنفسهم وعن آبائهم ما يرسمه هؤلاء المستشرقون عنهم وما يكتبه هؤلاء الحاقدون من تاريخهم، فأصبحوا يتوارون حياء من هذا التاريخ الملطخ بالدماء والذي لا يدع المجرمين ولا الأبرياء!

لعل ذراري المسلمين؛ نسيت حروب المائة سنة، وحرب السنوات السبع التي جرت في القرون الماضية بين فرنسا وبريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية، ولعله فاتهم أن يطلعوا على مذابح الكاثوليك للبروتستانت في داخل معابدهم، وقد فاتهم أيضا أن يطلعوا على المجازر التي جرت لليهود في ارجاء اوروبا ولم تنج بقعة من بقاع أوروبا منها على أيدي النصارى - أبناء كتابهم الواحد -

وأما من التاريخ القريب؛ فإن أمريكا "زعيمة العالم المتحضر"! - أو "المحتضر" على الأصح – ما قامت الا على اشلاء شعب بكامله من سكان البلاد الأصليين، الذين أبادوهم ولم يبق منهم سوى بضعة ملايين وضعوهم في أماكن للسياح - كجثث الموتى في قاعة المومياء – لا يزالون يضيئون بيوتهم بالسرج في "انديانا" وغيرها في وسط أمريكا الشمالية، وهم شعب الهنود الحمر، سكان أمريكا الأصليين.

ولعل أبناء المسلمين ينسون مآسي حربين عالميتين أثارها الغرب على مدى ربع قرن، ذهب ضحيتها قرابة خمسين مليونا من البشر ما بين قتيل وجريح ومشوه ومعتوه، كانت حربا طاحنة ضروسا على مطامع هزيلة وآمال صغيرة - جسم البغال واحلام العصافير -

ولعل أبناء المسلمين لا يدركون الحرب الثقافية المنظمة والغزو العالمي الفكري لهم لينفروهم من الجهاد، فيثيرون قضايا الرق والجزية وقتل الأسرى، ليصوروا المسلمين مجموعة من اللصوص والقتلة وسفاكي الدماء، منطلقين في الأرض سيوفهم مشرعة لارواء نهمهم للدماء، واشباع نزواتهم من النساء واسكات سعارهم للثراء!

ولعل أبناء الإسلام الذين لم يطلعوا على مصائب التاريخ الدامي للصليبيين في الغرب ومواقفهم تجاه الإسلام والمسلمين؛ يستحيون من تاريخهم المشرف الذي كان مثالا للرحمة الربانية المهداة إلى البشرية، وكيف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استطاع ان يفتح الجزيرة العربية بكاملها ويوحدها تحت راية التوحيد ولم يصل القتلى من الكفار جميعا ثمانمائة شخص.

أما بالنسبة للصليبيين؛ فلندع ابن الأثير يحدثنا عنهم عند دخولهم بيت المقدس في 15/7/1099م، الموافق 492 هـ.

فيقول: (وركب الناس السيف، ولبث الفرنج في البلدة أسبوعا كاملا يقتلون في المسلمين، واحتمى جماعة من المسلمين بمحراب داوود واعتصموا به، وقاتلوا فيه ثلاثة أيام، فبذل لهم الفرنج الأمان، ووفوا لهم، ثم خرج المسلمون ليلا إلى عسقلان فأقاموا بها، وقتل الفرنج بالمسجد الأقصى ما يزيد على سبعين الفا! منهم جماعة كثيرة من أئمة المسلمين وعلمائهم وعبادهم وزهادهم المجاورين للمسجد الأقصى) [2]!

ويقول "ريموند راجيل" - مؤرخ صليبي - انه عندما زار الحرم الشريف، أثناء المذبحة الرهيبة التي ارتكبها الصليبيون، لم يستطع أن يشق طريقه وسط اشلاء المسلمين الا في صعوبة بالغة، وان دماء القتلى بلغت ركبتيه!

ويقول "غوستاف لوبون" [3]: (وكان من أحب ضروب اللهو اليهم؛ قتل من يلاقون من الأطفال وتقطيعهم إربا إربا، كمـا روت "آن كومنين" - بنـت قيصر الروم -).

وينقل "غوستان لوبون" عن الكاهن "ريموند داجيل"؛ خبر ذبح عشرة الاف مسلم في مسجد عمر رضي الله عنه.

وحتى لاننسى؛ فإن الحملة الشعواء التي شنها المستشرقون على الجهاد، ادت إلى نتائج سيئة وآثار سلبية في نفسيات ذراري المسلمين المهزومين روحيا وعقليا أمام هذا الهجوم الإستشراقي الماكر، وتحت ضغط الواقع المرير الحاضر.

ان الغرب لا يُخفي تخوفه من الجهاد وفرقه وفزعه من القتال.

تقول "مجلة العالم الإسلامي" الإنجليزية: (إن شيئا من الخوف يجب ان يسيطر على العالم الغربي، ولهذا الخوف اسباب، منها؛ ان الإسلام منذ ظهر في مكة لم يضعف، بل دائما في ازدياد واتساع، ثم أن الإسلام ليس دينا فحسب، بل ان من اركانه الجهاد).

وقال "روبرت بين": (ان المسلمين قد غزوا الدنيا كلها من قبل، وقد يفعلونها مرة ثانية).

ويقول "ولفرد كانتول سمث": (ان اروبا لا تستطيع ان تنسى ذلك الفزع الذي ظلت تحس به مدة قرون والإسلام يجتاح الأمبراطورية الرومانية من الشرق والغرب والجنوب) [4].

ويقول "لورانس براون": (الخطر الحقيقي كامن في نظام الإسلام، وفي قدرته على التوسع والإخضاع، وفي حيويته انه الجدار الوحيد في وجه الإستعمار الأوروبي) [5].

لقد خطط الغرب لقتل روح الجهاد في نفس الأمة المسلمة، ورسم لذلك مناهج ووضع برامج للإستيلاء على هذه الأمة الحية المجاهدة، بعد اجتثاث العقيدة الإسلامية والعبادة الجهادية من اعماقها:

1) فالرحلات الإستكشافية كانت صليبية.

يقول "فاسكودي جاما" عندما وصل إلى "رأس الرجاء الصالح": (الآن طوقنا رقبة الاسلام، ولم يبق الا جذب الحبل ليختنق فيموت) [6].

2) وكانت المدارس العقلية الحديثة التي حاولت أن تخضع النصوص الربانية للعقل وأن تلوي أعناق النصوص الجهادية، وحاولت - وهي تدافع عن شريعة الجهاد أمام الغرب - أن تظهر الإسلام دينا دفاعيا، لا يمكن أن يقاتل الا دفاعا عن حدود جغرافية، وكأن الإسلام نحلة قوم معين، ونزل ليكون دين الجزيرة العربية فقط.

وتبعهم في هذا المنهاج الأساتذة؛ عبد الوهاب خلاف في "السياسة الشرعية"، ومحمد عزة دروزة في كتاب "الجهاد في سبيل الله"، وعلي علي منصور في كتابه "الشريعة الإسلامية والقانون الدولي"، ومحمد رأفت عثمان في كتابه "الحقوق والواجبات"، وأحمد محمد الحوفي في كتابه "سماحة الإسلام" [7].

3) حاولوا أن يميعوا عقيدة الحب والبغض في الله والولاء والبراء في الإسلام.

4) الدعوة إلى القومية، وتقديم النصراني العربي على المسلم الأفغاني والتركي والباكستاني.

5) الدعوة إلى الإنسانية.

6) الدعوة إلى تقارب الأديان واذابة الفوارق بينها.

7) الدعوة إلى السلام العالمي والتعايش السلمي.

9) انشاء فرق ضالة تدعوا إلى مسح الجهاد في الإسلام - كالقاديانية والبهائية والبابية -

يقول "ميرزا غلام أحمد القادياني" [8]: (لقد ظللت منذ حداثة سني، وقد ناهزت اليوم الستين اجاهد بلساني وقلمي لأصرف قلوب المسلمين إلى الاخلاص لهذه الحكومة الإنجليزية، وأرى أن كتاباتي قد أثرت في قلوب المسلمين واحدثت تحولا في مئات الآلاف منهم).

ويقول: (اليوم ألغي حكم الجهاد بالسيف، ولا جهاد بعد اليوم! فمن يرفع بعد ذلك السلاح على الكفار ويسمي نفسه غازيا يكون مخالفا لرسول الله الذي أعلن قبل ثلاثة عشر قرنا بالغاء الجهاد في زمن المسيح الموعود، فأنا المسيح الموعود، ولا جهاد بعد ظهوري الآن، فنحن نرفع علم الصلح وراية الأمان).

ويقول: (اتركوا الآن فكرة الجهاد، ولان القتال للدين قد حُرم! وجاء الإمام والمسيح ونزل نور من السماء، فلا جهاد، بل الذي يجاهد في سبيل الله الآن فهو عدو الله).

وأما البهاء - إله البهائية - فيقول في تحريم الجهاد: (البشارة الأولى التي منحت من ام الكتاب في هذا الظهور الأعظم لجميع أهل العالم؛ محو الجهاد من الكتاب)، (وحرم عليكم حمل آلات الحرب)!

ويقول عبد البهاء عن أبيه: (محا "آية السيف"، ونسخ حكم الجهاد) [9].

ان هذه الطائفة صناعة يهودية، بدليل؛ بعد موت طاغوتهم الثالث "مرزا شوقي"، اجتمع المجلس الأعلى للطائفة البهائية في إسرائيل وانتخب صهيونيا أمريكيا اسمه "ميسون" ليكون رئيسا روحيا لجميع أفراد الطائفة البهائية في العالم!

أما صلة البهائية بالأنجليز فهي عريقة، بل برعايتهم وتفكيرهم قاموا واستمروا.

يقول "عبد البهاء" في لندن: (ان مغناطيس حبكم هو الذي جذبني إلى هذه المملكة)، (أصبحت الآراء الغربية أقرب إلى الله من آراء الشرقيين) [10].

نحن لا نستحي من ديننا ولا من أوامر ربنا، نقولها بصراحة دون تلعثم ولا مواربة ولا جمجمة ولا غمغمة:

1) ان الجهاد فريضة ربانية في هذه الأمة لإنقاذ الأرض كلها من جور الطواغيت واستعباد الطغاة إلى عدل الإسلام ورحمة هذا الدين.

2) ان دين الله دين للبشرية جمعاء، ونحن نريد نشره حتى يعم ربوع العالمين.

وفي صحيح مسلم [11]: (ان الله زوى لي الأرض شرقها وغربها، وإن ملك أمتي يصل إلى ما زوى لي منها).

وفي الكتاب العزيز: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون} [التوبة: 32].

3) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد [12] وغيره: (بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم).

ولكن السيف لأكابر مجرميها وسدنة الكفر وأئمة الطغيان الذين يُعبّدون البشر لأنفسهم من دون الله، والذين يَدّعون لأنفسهم الألوهية عملا، وان لم يصرحوا بها قولا.

أقول: ان السيف لإزالة الحواجز من الأنظمة الكافرة والعقبات الإقتصادية والإجتماعية التي تحول دون استمتاع الشعوب بدين الله وتمنعهم من التفيؤ في ظلاله.

وبعد ازالة هذه الحواجز من أمام الدعوة الإسلامية؛ يعرض على الشعوب، {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} [الكهف: 29]، {لااكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي} [البقرة: 256].

4) ان كلمة "الجهاد في سبيل الله"؛ تعني عند الأئمة الأربعة - إذا اطلقت - القتال.

قال القسطلاني: الجهاد هو: (قتال الكفار لنصرة الإسلام... وإعلاء كلمة الله).

وقال ابن حجر العسقلاني: (الجهاد هو بذل الجهد في قتال الكفار) [13].

ونحن لا نريد أن ننسخ حكم الجهاد بالسيف لنُرضي الغرب، ولا نقبل أن نمسخ هذا الركن العظيم فنجعله كلمات تقال على المنابر، أو مقالات تنشر على صفحات الجرائد.

يقول ابن رشد [14]: (وجهاد السيف قتال المشركين على الدين، فكل من أتعب نفسه في ذات الله فقد جاهد في سبيله، إلا أن الجهاد في سبيل الله إذا اطلق فلا يقع باطلاقه إلا على مجاهدة الكفار بالسيف حتى يدخلوا في الاسلام أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون).

أسمعت أخي المسلم كلام ابن رشد؟! فلا تتمحل بعدها ولا تتأول!

5) ان عبارة: "رجعنا من الجهاد الأصغر - القتال - إلى الجهاد الاكبر - جهاد النفس -"، التي تنتشر على الالسنة بأنها حديث.

فان "يحيى بن العلاء"، قال ابن حجر عن هذا الراوي: (رمي بوضع الحديث).

وقال أحمد عنه: (يحيى كذاب يضع الحديث).

وقال الدارقطني: (متروك).

فالحديث ضعيف جدا أو موضوع [15].

قال ابن حجر العسقلاني: (هو كلام إبراهيم بن عبلة).

6) لم يبق أمام الأجيال التي يبيدها أعداؤها ويحاربون اسلامها الا أن تردد قول المتنبي:

لان عمرت جعلت الحرب والدة والسمهري أبا والمشرفي أخا [16]

ولم يبق أمامهم سوى طريق الأفغان المجاهدين...

واخواننا الأفغان أضحى مقيلهم ظهور المذاكي أو بطون القشاعم [17]

وسبحانك اللهم وبحمدك
أشهد أن لا إله إلا انت، استغفرك واتوب إليك

مجلة الجهاد
العدد السابع والعشرون
جمادي الثانية، 1407هـ

[1] انظر الظلال: ج3/ص1444، من مقدمة تفسير سورة الانفال - نقلا عن كـتاب الجهاد للمودودي -

[2] انظر الكامل لابن الأثير: 10/283.

[3] حضارة العرب لـ "غوستاف لوبون": ص384.

[4] المستشرقون والاسلام، لمحمد قطب: ص32.

[5] التبشير والاستعمار، لمصطفى الخالدي: ص384.

[6] المستشرقون والاسلام، لمحمد قطب: ص32.

[7] اهمية الجهاد، للدكتور علي العلياني، ص504.

[8] تبليغ رسالة، للقادياني: 7/10.

[9] أهمية الجهاد، للعلياني، ص504 - 509.

[10] حقيقة البابية والبهائية، لمحسن عبد المجيد: ص237 - 244.

[11] شرح النووي: ج18، كتاب الفتن: ص13، وهو في المختصر برقم 2000.

[12] رواه أحمد في المسند: 2/92.

[13] فتح الباري: ج6/ص2.

[14] مقدمة ابن رشد: 1/368.

[15] ضعيف الجامع الصغير: 4/118.

[16] السمهري: الرمح، والمشرفي: السيف.

[17] المقيل: المنام، المذاكي: الخيل الناضجة القوية، والقشاعم: النسور الكبيرة.

Tidak ada komentar:

Posting Komentar